صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (٣)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء

7

إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (٣)

ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء

أبوعاقله أماسا
* بربر تتميز بهدوءها المتزن وبحميمية أهلها وطيبتهم وكرمهم، وتلك السجية السودانية التي تذخر بالفضائل والشمائل.. لا تجد فيها صخب المدن الكبيرة وضوضاءها ولا ذلك الهدوء والصمت المرعبين، ولكن.. في بعض ساعات اليوم تخلو الشوارع وكأن هنالك إتفاقاً بين الأهالي لإفراغ الشوارع من المارة، فلا تجد حركة في بعض شوارعها الرئيسية، بجانب إنتشار الدراجات الكهربائية (عجلة موتر).. والتي تتحرك بدون أن تسمع صوتها.
* من الطرائف أنني كنت في مشوار رفقة حارس المريخ الأسبق ومدرب حراس الفريق (ب) هيثم الطيب مالك، وهيثم معروف بسرعة البديهة وبعض التعليقات الساخرة، ولا غرابة لأن جذوره تعود إلى منطقة الشريك القريبة، يعني رباطابي مؤصل، والرباطاب معروفون بسرعة البديهة والتعليقات اللطيفة، وبعد فراغنا من المشوار قررنا البحث عن مكان نتناول فيه قهوة الظهيرة، وسرنا حوالي أربعة شوارع قبل أن نجد مكان القهوة وكان مقابلاً للمقابر، سألت هيثم: بالله لاحظت اللهدوء ده؟.. الناس دي بتمشي وين؟.. فقال ضاحكاً؟ ياخي أنا مستغرب.. هسي المقابر دي ناسا مافي…. فانفجرنا في الضحك.. فنحن معتادون على أن كابتن هيثم يصنع من كل المواقف طرفة وسخرية.. حتى المواقف الحرجة يصنع منها الضحكة.
* في اليوم التالي كان علي أن ألبي دعوة صديقي عصام طلب في قرية كنور، وأعتقد أنها زيارة مؤجلة لمرات عديدة لأن الدعوة تكررت دون أن نجد فرصة لتلبيتها، وقرية (كنور) التي ينطقها البعض بكسر الكاف، تقع في الشمال من عطبرة، وتبدو لزائرها أنها جزء منها، غير أنها تتبع لمحلية بربر إدارياً، وعرف عموم أهلها بأنشطتهم التجارية وينتمي إليها بعض الأسر العريقة التي اشتهرت بالخرطوم، وبعض مدن السودان، مثل أسرة طلب الموجودة في بحري.
* العلاقات بأهل هذه القرية تعود إلى بداية التسعينيات، عندما كان العم حاج الأمين مضوي رئيساً لنادي العباسية الأم درماني، وعبره عرفنا القرية وموقعها وقد نشأت علاقة أشبه بالتوأمة بين ناديي الجلاء كنور الناشط في دوري الأولى بعطبرة والعباسية بفضل حاج الأمين مضوي، وكان النادي يسحل عدداً من نجوم أندية أم درمان ويعدهم في أم درمان، ولتحقيق أهداف الإعداد كانت العباسية تنظم دورة تنشيطية في بداية كل موسم تضم أندية الميرغني كسلا والتاج الأم درماني والجلاء وأندية أخرى لا أذكرها وتقام المباريات بميدان الربيع.
* بعد ذلك توثقت علاقاتنا بشخصيات أخرى من قرية كنور كان أولها وأقربها الأخ العزيز عصام طلب قطب وإداري نادي المريخ المعروف، ومعه انتظمنا في نشاط رياضي وتمرين يقام مرتين إسبوعياً بملعب كلية التربية جامعة الخرطوم، ولفترة إمتدت لسنوات، وعبره تعرفنا على كل شيء من كنور، على أشقاء عصام عبدالله والصديق وأبنائهم الدكتور أسامه ومصطفى وأبوبكر وبقية أبناء المنطقة من قدامى لاعبي الجلاء مثل مصطفى ختم وعاطف (بيكي) الصديق التوأم لعصام طلب وعبدالرحمن وغيرهم كثر من الذين عشنا أجواء هذه القرية بمعاشرتهم، فامتدت مساحات الود بيننا لفترات طويلة.. لذلك كنت عازماً على زيارة القرية إحياءً لهذه العلاقات وللقاء العم حاج الأمين مضوي..
* قرية كنور بهدوءها وكرم أهلها وأصالتهم سحرتني وأخذتني ببيئتها الريفية التي تشبه أجواء العزب حيث تختلط البيوت السكنية بالمساحات المزروعة وتتلوى الشوارع في مرونة بين البيوت التي تنافس رحابتها قلوب ساكنيها.. وصلت كنور بعد ظهر ذلك اليوم المشهود متحمساً للقاء مجموعة من الشخصيات المحترمة بعض سنوات فرقتنا فيها الحرب، فالتقيت بالصديق طلب وشقيقه عبدالله بعد سنوات وبدلاً أن كانت زيارة خفيفة إمتدت إلى يوم وليلة، وقضيت فيها ساعات مفعمة بمشاعر الود بنادي الجلاء، إجترينا فيها ذكريات صعود الفريق للدرجة الأولى عام ١٩٩٥، وكيف كان التشجيع في مباراتهم الحاسمة أمام السيال على ما أذكر، وكانت المرة الأولى التي أرى فيها تشجيعاً ينافس فريقي القمة الأم درمانية في التنظيم والأهازيج المرتبة وأذكر منها (يا جلاءنا يا جلاء… مكانك في العلاء) وغيرها من الأهازيج المنظومة بأدب وعناية..!
* إلتقيت بعمنا حاج الأمين مضوي واطمأنيت على صحته، وعدد آخر من الأسماء وكنت أخطط لزيارة العم أحمد مسعود رئيس نادي الجلاء الأسبق بمنزله بعد أن علمت بظروفه الصحية، وحددت ذلك ليكون يوم المباراة المقترحة بين فريق المريخ (ب) والجلاء بإستاد عطبرة إلا أنها ألغيت، وألغي معها برنامجاً من الزيارات في كنور فلهم مني خالص المعذرة والمعزة والتقدير والإحترام..!
* كانت لنا محطات في عطبرة والتي كل ما زرتها تذكرت بن عمنا الكوتش برهان تيه وبن خالتي النور عذاب مدرب اللياقة المعروف، وقد كانوا أول من عرفت عبرهم مجتمع عطبرة الرياضي في أولى مواسم الأمل في الدوري الممتاز ٢٠٠٣، ورغم أنني كنت وقتها مرافقاً للمريخ إلا أنني حللت معهم بشقة الجهاز الفني للأمل العطبراوي قبل المباراة التأريخية التي فاز فيها الأمل على المريخ وقرعت النواقيس معلنة بوصول بعبع آخر للقمة بعد أندية بورتسودان..!
* في عطبرة لي ذكريات جميلة وخواطر لا تفارق ذاكرتي، منها زيارة قمنا بها للرمز الوطني الخالد حسن خليفة العطبراوي مع وفد من نادي العباسية في ١٩٩٥، وزيارات أخرى لمولانا جمال حسن سعيد رحمة الله عليه، أحد أبرز وأميز رؤساء أندية الممتاز لفترة طويلة، حنكة وخبرة وصرامة وإحتراماً ومعرفة..!!
… نواصل

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد