صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

شَـارك في حَملة الهُجُـوم على بوغبا!

110

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

شَـارك في حَملة الهُجُـوم على بوغبا!

أقدِّر بعض الذين يُهاجمون بوغبا، وأعرف أنّهم يفعلون ذلك من منطلق هلاليتهم وحُبِّهم للهلال، لكن أرى أنّ هذا الحُـب يتضرّر منه الهلال، إذا لم نتحرّر من هذا الفهم الذي يختزل الحلول كلها في الهجوم على لاعب، لن يحدث لنا تقدمٌ إذا لم نتخلّص من عيوبنا الذاتية، لا ترسِّخوا لهذه المفاهيم الخطأ، أنا ضد هذا الفهم بصورة عامة، لا يعنينا لاعبٌ في شئٍ، بقدر ما يعنينا أن نتخلى عن هذا الفهم ونتخلّص من أنّ هذا العيب الذي يتمثل في الهجوم الذي يصل لمرحلة (التنمُّر) على لاعب يختاره مدربه ليكون عنصراً أساسياً يمثل الهلال.
لاعب كل ذنبه أنه يشارك أساسياً مع الهلال، والمنتخب، وأنه حاضرٌ في كل المباريات.
ومن الحُب ما قتل فرشدوا ذلك الحُب الأعمى ولا تضروا بحُبكم له.. دافعي عن بوغبا هو ليس دفاعاً عنه في حد ذاته أو دفاعاً عن لاعب مُعيّن، أو شخص محدد، وإنّما هو اعتراضٌ وانتقادٌ لأسلوب وفهم غلط، أحسب أنه أفقدنا عناصر كثيرة، وتضرّرنا منه كثيراً ولم نَجنِ منه غير السّـراب!
كذلك التعامل مع المدرب بالقطعة أمرٌ غير جيد ـ أحسبه من الجاهلية الرياضية، عادةً، المدرب يشرك لاعباً لأنّـه فضّله على آخر بحسابات فنية حسب حاجته وطبيعة المباراة، ريجيكامب مثلاً أشرك عناصر وطنية مُرهقة على حساب عناصر أجنبية غير جاهزة فنياً، هو أكيد فعل ذلك بعد جرد فني، وله كامل الحرية في اختياراته، وأجزم أنّ ريجيكامب لو أشرك المحترفين الأجانب وأبعد الوطنيين لخسر المباراة ولفقد الهلال حتى النقطة التي خرج بها، ولقالوا حينها كيف يبعد ريجيكامب الوطنيين الجاهزين والأكثر استعداداً على حساب أجانب لا يلعبون حتى في الدوري الرواندي المحلي الذي لعب فيه الهلال مباراة وحيدة، وأيضاً انتهت بالتعادل.. ولا أظن أنّ هنالك من يستطيع أن يقول إنّ الجيش الرواندي أفضل من سانت لوبوبو الكونغولي.
الهلال تعادل في الدوري الرواندي مع الجيش والأزرق يلعب بأجانبه غير المرهقة، لذلك مشاركتهم كلياً أمام سانت لوبوبو كان أمراً سوف يتضرّر منه الهلال كثيراً.
علماً بأنّ ريجيكامب أشرك أمام سانت لوبوبو (6) أجانب في التشكيلة الأساسية، فماذا يفعل أكثر من ذلك؟
ومع كل ذلك أعتقد أنّ العناصر الوطنية المُرهقة كانت الأفضل في المباراة ـ كرشوم وإرنق والغربال وروفا وبوغبا كانوا جيدين وأفضل حتى من عناصر أجنبية مرتاحة.
الغريب أنّ الذين اعترضوا على مشاركة الوطنيين، انتقدوا ريجيكامب على عدم إشراك ياسر جوباك وكأن جوباك قادمٌ من أمريكا اللاتينية بالجواز الكولومبي، وهم أنفسهم انتقدوه لأنه أخرج والي الدين خضر والغربال، بعد أن عاتبوه على مشاركتهما.
مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم هذه الأيام في والي الدين خضر بوغبا، وهذا انطباعٌ (تقليديٌّ) أصبح سائداً بعد أيِّ خسارة أو تعثر في الهلال أو المنتخب أن يهاجم الجميع والي الدين خضر بوغبا، حتى أصبح ذلك من المُسلّمات والبديهيات التي تفتقد للبداهة، صار طبيعياً بعد أية مباراة أن تخرج وتهاجم بوغبا، سهل عليّ أن أمشي مع الجماعة وأرضي الجميع وأهاجم معهم على بركة الله بوغبا، لكن نحن لا نكتب لرغبة القراء، ولا نهدف لتحقيق تطلعات الجماهير إذا كانت لا تتوافق مع قناعتنا، إضافةً إلى ذلك أنّ كل المباريات التي تابعتها وجدت أنّ بوغبا مجني عليه وأنه أفضل من يخرج بالكرة، وأفضل من يلعب تحت الضغط، مع وجود أخطاء طبعاً يقع فيها كل اللاعبين، وقد تعجّبت بعد مباراة الهلال والمولودية أنّ البعض هاجم والي الدين خضر، رغم أنّ الأخطاء وقعت من غيره، سجّل مصطفى كرشوم هدفاً عكسياً فهاجموا بوغبا، ونال صلاح عادل كرتاً أحمر وخرج من المباراة وأيضاً قاموا بمهاجمة بوغبا، مع تأكيدي أنّ الأخطاء تحدث في أية مباراة، وأنّ ما حدث من كرشوم وصلاح عادل أمرٌ عاديٌّ وطبيعيٌّ، ولكن إذا كنا نغفر تلك الأخطاء، لماذا نُحمِّل بوغبا فوق طاقته؟
بل إنّ البعض يهاجمه فقط لأنه لا يرتكب مخالفات ولا يُمنح الكروت الملونة، وكأن الكروت الملونة فضيلة، يهاجمونه لأنه باردٌ وهذه مميزات وليست عيوباً.
علاقتي مع بوغبا هو أنّ أي مدرب ظل يشركه أساسياً في كل المباريات مع الهلال والمنتخب، وهذه المشاركة تلزمني أن احترمه وأقدِّره، هذه المشاركة لم يحصل عليها بوغبا بقرارٍ من المحكمة الفيدرالية ولا أتى بها كحصة ممنوحة له كاتفاقية سلام .. ولا هي (ورثة) ورثها كابراً عن كابر فصار بسببها أساسياً.
احترم هذه المشاركة المستمرة لبوغبا الذي حجز مقعده لأكثر من خمس سنوات مر فيها عدد من اللاعبين الوطنيين والأجانب على الهلال ورحلوا، وبوغبا ثابتٌ وموجودٌ وأساسيٌّ مع الهلال والمنتخب رغم الضغوط التي يتعرّض له والانتقاد والهجوم عليه، هذا شئٌ لوحده يجبرنا أن ندعمه لأنه يلعب وليس دعماً من أجل أن يلعب، إذا أبعد بوغبا من التشكيل الأساسي لن نقف في ذلك، بل سنقول إنّ بوغبا لا يستحق المشاركة، لأن مدربه أبعده، أما وهو يشارك سيكون له منا كل الدعم والاحترام.
في مباراة الهلال وسانت لوبوبو مشكلة الهلال كانت في غياب صلاح عادل وليس في وجود بوغبا، لذلك الانتقادات يجب أن تذهب لصلاح عادل الذي غاب وليس لوالي الدين خضر الذي حضر.
الطبيعي أن تلوموا وتنتقدوا اللاعب الذي لا يشارك، لا يجب أن تتنقدوا اللاعب الذي يشارك، هذا أمرٌ لا يتناطح عليه عنزان، انتقدوا كول وكابوري وفوفانا وماديكي وديوف وبتروس لأنهم لم يفرضوا وجودهم كأساسيين حتى الآن في الهلال، البعض يعتقد أنّ مشاركة هذه الأسماء لن تتم إلّا بعد إبعاد بوغبا وهو إبعادٌ لن يتم إلا بتحطيمه وتدميره، لذلك هم ينتقدونه لصالح لاعبين يصرفون بالعملة الصعبة ولا يلعبون.
كول وكابوري وبترويس وفلمو فرصتهم سوف تأتي ودورهم قادمٌ بإذن الله وهي مواهب يمكن أن تخدم الهلال لعشر سنوات قادمة، ولكن حتى يحدث ذلك، علينا أن ندعم العناصر التي تشارك بغض النظر عن الاسم والجنسية.
هنالك تدرجٌ طبيعيٌّ يمر به أي لاعب مهما كانت قيمته حتى يصبح أساسياً، لا تتعجّلوا على تلك الأسماء، لأنّ هذا الوقت هو وقت بوغبا، سوف يؤدي دوره ويغادر، حتى يحدث ذلك، تعاملوا مع مَـن يمثل الهلال بشئٍ من الاحترام والتقدير.
عندما كنا ندافع ونكتب عن صلاح عادل، كان الكل يهاجم في هذا اللاعب وكانوا يعتقدون أنّ دخوله في الأساس لكشوفات الهلال (سمسرة)، وحتى روحه القتالية التي كان يتميّز بها كانوا يعتبرونها تهوراً، وكانوا يصنفونه خارج عن السياق، الآن السودان كله يتغزّل في صلاح عادل، ويقبِّل رأسه كمان، والكرت الأحمر الذي ناله أمام المولودية اعتبروه شهامة ورجولة منه.
لا أتعامل مع أي لاعب من منطلق أحب وأكره وهي علةٌ للأسف الشديد انتقلت من المُـدرّجَـات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح بالحب والكراهية يمكن أن أخلق انطباعاً عاماً.
في السابق كنا ندخل مباريات الهلال، وعندما نجلس في المدرجات، كان في الغالب تجد من هو على يمينك أو على يسارك عنده رأي في لاعب مُعيّن ـ هذا الشخص يظل طوال زمن المباراة يهاجم في ذلك اللاعب، حتى عندما يخطئ غيره، يقوم صاحبنا ذلك مشمراً عن سواعده وهو يتنفر، مهاجماً لذلك اللاعب الذي لا يحبه أو الذي لا يروق له.
في وسط الهلال أو المنتخب قد تكون في حاجة إلى لاعب مقاتل مثل صلاح عادل، لكن في نفس الوقت أنت في حاجة إلى لاعب بارد ولا ينفعل ويلعب تحت الضغط وتحت الأخطاء أيضاً في هدوء وبرود والي الدين خضر بوغبا.
وسط الهلال لا ينفع أن يكون كله مقاتلين ولا ينفع أن يكون كذلك كله بوغبا.. الجمع بين الأسلوبين يؤدي إلى نسبة نجاح أعلى، لذلك صلاح عادل مكملٌ لوالي الدين خضر، والأخير مكملٌ لصلاح عادل.
بعض المستعجلين يريدون أن يشاهدوا كول وكابوري وفلمو وأكيري وصنداي وجان كلود وكوليبالي في تشكيلة واحدة، وهذا أمرٌ مُستحيلٌ، هذه العناصر لا يمكن أن تجتمع في تشكيلة واحدة، وأغلب هذه العناصر تحتاج إلى تدرُّج ومراحل حتى يصبحوا أساسيين في الهلال ـ الهلال نادٍ كبير، أسماء كبيرة فشلت فيه، وهذه العناصر التي أشرت إليها، بعضها جاء للهلال من أندية صغيرة، وبعضها من أندية هواة، وحتى صنداي المهاجم السوبر الذي جاء من تجربة في أوروبا، هو لأول مرة يلعب في مرحلة المجموعات، لذلك الاستعجال عليهم هو إعدامٌ لهم وليس إعداماً لبوغبا.
مدرب المريخ داركو أشرك عشرة أجانب كعناصر أساسية في المريخ، فماذا جنى من ذلك؟ فقد خسر آخر مباراتين، رغم أنّ المريخ يمتلك عناصر مُحترفة جيدة، 7 منهم يلعبون في منتخبات بلادهم لكنهم مع ذلك ظهروا بصورة باهتة، وإذا استمر المريخ على هذا الوضع سوف يفقدهم.
أعتقد أنّ المريخ افتقد محمد الرشيد وموسى كانتي، وقبلهما افتقد صلاح نمر وكرشوم وطيفور وبخيت خميس ومحمد المصطفى، هذه الأسماء لا يمكن تعويضها بالأجانب.
حتى في الهلال نحن مازلنا نقول إنّ الهلال افتقد أبوعاقلة رغم العدد الكبير من الأجانب الموجود في الهلال.
وعناصر الهلال الوطنية هي التي تُسجِّل الآن مع الهلال ومع المنتخب.
أتركوا المدرب يعمل، وادعموا كل من يشارك من اللاعبين ولا تكونوا السبب في تدمير الهلال، وأوقفوا كل من يُنظِّر لكم عن المدرب والتشكيلة، أرفضوا أيِّ هجوم على لاعب إذا كنتم تبحثون عن بطولات خارجية.
مَن يُقاتل من أجلك بشعار الهلال يستحق الدعم والمساندة، لا يستحق التخذيل والتدمير والطعن.
على قناعة تامة بأن الأخطاء التي يقع فيها بوغبا، نحن السبب فيها وليس بوغبا، لأنّ الإعلام والجمهور يهاجمانه وينتقدانه بشكل فيه شئٌ من (التنمُّر).
الهلال والمنتخب في السنوات الأخيرة، رغم ظروف الحرب يحققان في افضل الأرقام، ولبوغبا نصيبٌ من ذلك، لأنه أساسي في التوليفة التي تحقق تلك الإنجازات.

متاريس
مَـرّوا على الهلال لاعبون كانوا يجدوا دعماً كبيراً من الإعلام، وكانت الجماهير تفضِّلهم على مَن سواهم، وخرجوا من الهلال دون أن يقدموا أيِّ شئ، وهذا أمرٌ ينطبق على وطنيين وأجانب، وما عاوزين نحدد أسماء، لكن معروفين.
ومَـرّوا على الهلال لاعبون كان الإعلام والجمهور ينتقدهم، لكن عطاؤهم وأثرهم في الهلال كان أكبر من غيرهم.
ليس الإعلام ولا الجمهور الذي يحدد جدوى لاعب أو مشاركته أو عدم مشاركته في التشكيلة الأساسية ـ هذه الأمور أبعدوا عنها واتركوها للمدير الفني.
يلعب مَـن يلعب سيجد منا كل الدعم.
ترس أخير: الله يكُـون في عــون الهِــلال مِـن المُنظــراتيّة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.