صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)

90

 

أبوعاقله أماسا
* من قبل أن تصبح شبكة الإنترنت سلعة عزيزة، كنت مولعاً بالقراءة وأحاول أن أكون دقيقاً في المتابعة، خاصة في القروبات المختلفة، وحرفياً في فهم الجمل والعبارات، وأقرأ كل شيء في الأسافير، وأركز على النقاشات السياسية والفكرية بحثاً عما يفيد، وقد لاحظت أن معظمها تفضي إلى مايشبه العراك.. أو هو كذلك بالضبط، فهي تنتهي بحرب وقطيعة يمتد مداها إلى خارج تلكم المساحة الضيقة، والعلة دائماً تكمن في بعض الذين يدعون أنهم سياسيون أو يفهمون فيها أكثر من غيرهم، لأنهم يعبرون عن آراءهم بصورة مفزعة، فيها نوع من قصر النظر، وفي الغالب الأعم يعبرون عن أمزجتهم ورغباتهم الشخصية، وإن الموضوع المطروح وطني يحتاج إلى عمق وتنازلات من أجل المصلحة العامة فهم يعيدون الأمر ويحبسونه في نطاق جدلي منفر، ونتجاهل عن عمد أننا في وطن يحتاج للتضحيات.. أقلها أن نتنازل عن الأنانية والتعبيرات التي تلخص قصة سيدنا يوسف (أقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخلو لكم وجه أبيكم).. فمعظم صراعاتنا تستند على هذه المفاهيم.. هكذا نحن كسودانيين في الساحات السياسية نمارس الحسد والحقد ولا ندري أو ربما عن عمد.. وبدلاً أن ندير حواراً يصب في مصلحة مشروع وطني يقدم المخارج من أزمات الوطن، نفتعل معاركاً تقوم على الصراخ والإساءات لنجد أنفسنا خارج نقاش لايفيد السودان ولا البشرية بشيء…!!
* على هذا النسق سنجد أننا _ وليأسف من يأسف.. وليفرح من يفرح _ قد فشلنا في تقديم كوادر تتوافر فيهم صفات رجال الدولة، ولو بمستوى ننافس به الكيزان (الوسخانين والفاسدين) وغير ذلك من الصفات التي نجتهد فيها بدون أن نتحرى فيها الدقة، فالذين يسوقون إلى تلك الأفكار لا يتقبلون أي شيء غير رأيهم هذا..!!
* تأمل في الساحة السياسية السودانية، وتابع ما شاع من سلوك القيادات والعوام.. هل تجد غير الطعن والتخوين والتحقير؟
* السودانيون يمارسون السياسية بالضبط كما يشجعون كرة القدم.. فهل جلست يوماً في مدرجات إستاداتنا وتابعت سلوك المشجع فيها؟.. هناك يتساوى المتعلم بالجاهل والأمي.. تشعر بأنهم دخلوا الملعب ليفرغوا كل شحناتهم السالبة في اللاعب وأمه وأبيه، وعشيرته التي تؤيه، فتسمع ألفاظاً نابية من قواميس نادرة وعبارات لن تسمعها في مكان آخر.. وتصرفات إن قلت أنها صبيانية فقد بهت الصبيان.. وإن قلت أنها ألفاظ صعاليك فربما تكون قد أسأت إلى الصعاليك.. وفي المدرجات تمرر الألفاظ العنصرية وتنتهك الأعراض ولا ينتبه الناس إلى أنهم مسلمين ونبي الرحمة يقول في معنى الحديث: لايكب الناس على وجوههم في النار مثل حصائد ألسنتهم..!!
* نحن في وطن مكلوم، يحتاج لأطروحات متوازنة، ونقاشات فكرية تبلور خرطة طريق تقودنا إلى النور، وأسلوب يحافظ على الوطن بجغرافيته وشعبه، وأن نختلف داخله لا عليه..!!

قد يعجبك أيضا
تعليق 1
  1. Abu Hamdi يقول

    صدقت و الله يا استاذ … نعم فقد اسمعت لو ناديت حيا و لا حياة لمن تنادي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد