صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ما يطلبه القُرّاء بعد الخسارة مُهاجمة المدرب!!

323

صَابِنَّها

محمد عبد الماجد

ما يطلبه القُرّاء بعد الخسارة مُهاجمة المدرب!!

بعد الخسارة، دائماً أحاول أن أنظر إلى النصف الملئ من الكوب، أسقط النصف الفارغ من الكوب، لأنّ الانفعال بعد الخسارة يجعلنا نرى فقط النصف الفارغ.
بعد الانتصار أحاول أن أنظر إلى النصف الفارغ، لأنّ كل الناس تنظر وقتها إلى النصف الملئ.
التوازن عند النصر والهزيمة مطلوبٌ وإن كان مُبرّرنا على الفرح عند الانتصار، حاجة الناس للفرح، نحن شعب نبحث عن الفرح حتى في الفول المُصلْح.
نفرح بالكهرباء، نفرح بالرغيف، نفرح بالموية الباردة.
نفرح بالملاريا عندما يؤكد الفحص عدم وجود تايفويد.
نحن شعبٌ مغلوبٌ على أمره، علينا أن نتصالح مع الابتلاء ونتعايش معه بالصبر الجميل.
واقعنا فيه الكثير من الجراحات والأحزان، لذلك نجنح إلى الخيال لنفرح.
نزار يقول (الحب في الأرض بعضٌ من تخيُّلنا لو لم نجده عليه لاخترعناه)، ونحن نحاول أن نخترع (الفرح)، لأنّنا لم نجده في أراضينا.
في هذه الحياة القصيرة، حاول أن تفرح حتى عند الوجع.
ندخل على الغريق.
كل الناس الآن متفقة على إبداع الهلال حتى عندما يخسر، وعلى المستوى الذي يقدمه، هناك شبه إجماع على روعة الأداء، وعلى المستوى الرفيع الذي يقدمه لاعبو الهلال في الموسمين الأخيرين.
حتى على مستوى النتائج، تعتبر نتائج الهلال جيدة، بل ممتازة في ظل الظروف التي يلعب فيها الهلال، وقد كان الهلال قريباً في الموسم الماضي من الذهاب بعيداً في البطولة الأفريقية لولا غياب التوفيق، والهلال بما يقدمه من مستوىً في هذا الموسم كان أحق أندية مجموعته بصدارة المجموعة لولا أيضاً افتقادنا للتوفيق.
قدم الهلال مباريات كبيرة مع فلوران، وحقّق انتصارات كانت حديث القارة الأفريقية، انتصارات سوف تبقى كوّه ضوء في تاريخ الهلال، انتصر الهلال بالشمس على الأهلي المصري في الموسم الماضي، وانتصر على الترجي بنتيجة كبيرة في هذا الموسم، وحتى المباريات التي فَقدَ الهلال نتائجها أمام صن داونز في الموسم الماضي، وأمام النجم في هذا الموسم، قدّم الهلال فيها مستوىً رفيعاً وكان يستحق فيها نتائج أفضل.
لكن هذه هي كرة القدم، يجب أن نتعامل مع نتائجها بوعي وذكاءٍ، الذكاء مُهمٌ في هذا الجانب، لأنّنا أحياناً كثيرة يغيب عنا ذلك ونخدم المُنافسين تحت ستار البحث عن مصلحة الهلال.
الطبيب لا يلجأ إلى استئصال عضو من جسم الإنسان إلّا إذا كان هذا هو الحل الأخير له، وإقالة المدرب أو الإطاحة به، تبقى عندي مثل بتر قدم مريض يشكي من وجع الرأس.
مشكلة الهلال الآن ليس مشكلة مدرب، لأنّ فلوران مع الظروف التي يلعب فيها الهلال، ولا أريد أن أعزف كثيراً على هذا الوتر، نجح في أن يصنع من الهلال قوة ضاربة.. عرف فلوران أن يصنع التجانس والتفاهم بين لاعبي الهلال رغم غياب الهلال عن المنافسات المحلية وابتعاده عن أرضه وجمهوره.
هل هنالك (هلالابيٌّ) واحدٌ يختلف على الهلال؟!
الهلال الحالي صناعة فلوران، يرجع الفضل بعد الله في ذلك للمدرب الكونغولي.
في وجود (12) محترفاً، أغلبهم لم يكمل الأشهر الـ(6) في الهلال، من الصعب أن تصنع تجانساً وتفاهماً بين لاعبي الهلال وتصل بهم لهذا المستوى إن لم تكن تمتلك مدرباً كبيراً وقديراً وخبيراً في نفس الوقت.
في تاريخ الهلال، أظن ليس هناك مُحترفٌ غير يوهانس وداريوكان وسادومبا ويوسف محمد، أعطوا وقدّموا من الوهلة الأولى، مُعظم المُحترفين الذين لعبوا للهلال كانوا في حاجة إلى عامل الوقت حتى يعطوا وينسجموا ويتفاهموا مع المجموعة.
فلوران الآن تغلّب على عامل الوقت، بل تغلّب حتى على غياب المُنافسات وغياب الجمهور والابتعاد عن الأرض، التجانس والتفاهم وروعة الأداء والنتائج الجيدة، تتحقّق من خلال تلك العوامل.
أهم ميزة في فلوران، هي الكيمياء الموجودة بينه وبين لاعبي الهلال، التعامل مع هذا العدد الكبير من المحترفين وإشراك بعضهم وإبعاد البعض الآخر، والربط بين اللاعب الوطني والأجنبي، أمرٌ يحتاج إلى إدارة خاصة من المدرب.
في الهلال الآن لا أحدٌ يشكي ولا أحدٌ يتضجّر، مَن يشارك ومَن يُبعد عن التشكيلة يفعل ذلك بحب، هذا الأمر يُحسب لفلوران، ويُحسب كذلك إلى مدير الكرة عبد المهيمن الأمين، الذي اعتبره (مهندس) تلك العلاقات الجيدة بين اللاعبين والجهاز الفني، إلى جانب تعامل اللاعبين فيما بينهم.
كذلك لا نسقط دور العليقي الذي قدّم كل الدعم للمدرب ومنحه الثقة، وشكّل له الحماية التي يتحرّك تحت ظلها.
بسبب فلوران يلعب هذا العدد من المُحترفين، فلوران كان سبباً في قبول كل الأسماء التي فاوضها للعب في الهلال، منذ ليليبو الذي استفاد الهلال كثيراً من مقابل احترافه في فرنسا، وحتى إيبويلا وبابي عبدو وجان كلود.
هؤلاء يلعبون في الهلال من أجل فلوران، ورحيل فلوران يعني رحيلهم!!
ميزة أخرى، استطاع فلوران أن يفرضها على الجميع وهو الدعم الذي يجده من الإعلام والجمهور، لا أعتقد أنّ هناك مدرباً منذ البرازيلي ريكاردو وجد ذلك الدعم ووصل إلى درجة (مُتّفق عليه) غير فلوران، وهذا أمرٌ حقّقه فلوران لأنه مدربٌ مُحترمٌ ومحبوبٌ، ومُستوى الهلال أيضاً ينصفه حتى وإن لم تكن النتائج بقدر الطموحات الكبيرة.
المُحاولات التي تتم الآن، والانتقادات التي تُوجّه من البعض على المدرب، تضرب في أهم مُميّزات الهلال في الفترة الأخيرة، وهو الاستقرار الفني الذي سوف نحصد نتائجه قريباً إذا استمر فلوران بنفس الدعم.
كم احتاج بيب غوارديولا حتى يُحقِّق بطولة دوري أبطال أوروبا مع السيتي، رغم الدعم الذي كان يجده وهو يتعاقد مع أفضل المحترفين وتهيّأت له كل الظروف.
باريس سان جيرمان فعل كل شئ وتعاقد مع نيمار وميسي، وجمع في صفوفه أفضل المُحترفين، ومازال الفريق بعيداً عن الألقاب القارية، هذا لأنّ الفريق يفتقد للاستقرار الفني والتفاهم والتجانس والروح.
البطولات عادةً تُحقّق بالاستقرار الفني والدعم الكامل من قِبل الإدارة والإعلام والجمهور للجهاز الفني واللاعبين.
فلوران كنزٌ حقيقيٌّ في الهلال إذا أضعناه سوف نبكي عليه كثيراً.
لا أدعم فلوران من منطلق شخصي، لأنّ فلسفتي في العمل الصحفي أن أدعم أيِّ مدرب، وقد فعلت ذلك مع كل الذين سبقوا فلوران.
المدرب هو شخصية وقرار والاثنان، يمتلكهما فلوران.
المدرب صاحب القرار الخاطئ عندي، أفضل من المدرب الذي لا يملك قراراً.
عندما يكون المدرب (مُحترماً)، يكون جيداً في كل شئ، وفلوران مدربٌ (مُحترمٌ).
أسهل شئ بعد الخسارة، وأسهل حل هو أن تهاجم المدرب وتنقض عليه وتنتف ريشه “ريشة ريشة” لتطير أدراج الرياح وتتفرّق في الفضاء هباءً منثوراً.
الحل الأسهل دائماً هو ليس هو الحل الأفضل، الحل الأسرع ليس هو الحل.
التعامل مع الجراح بالمُسكِّنات لا يشفيها، بل يُمكن أن يضاعف من مخاطرها!!
عندما يخسر الفريق، فإنّ مهاجمة المدرب تبدو منطقية ومقبولة وجاذبة للجميع، إلّا من رحم ربي، فهو إذا لعب بتشكيلة ثابتة، يُهاجم لأنّه لم يحدث تغييرات، ولأنّ طريقة أداء الفريق أصبحت محفوظة، ولأنّ هناك أوراقاً لا يستعملها المدرب.
المدرب إذا أحدث تغييرات في التشكيلة وخسر “قايمته سوف تقوم”، لماذا أحدث تلك التبديلات؟ ولماذا لم يلعب بتشكيلته الثابتة؟!
إذا قام المدرب بإجراء تبديلات أثناء المباراة وخسر، فإنّ سبب الخسارة تلك التبديلات، لماذا أخرج فلاناً؟ وعندها فلان هذا يصبح أفضل لاعب عندهم في المباراة!!
إذا خسر الفريق والمدرب لم يقم بإجراء تبديلات أثناء المباراة، فإنّ السبب الرئيسي في الخسارة هو عدم إجراء تبديلات، لماذا لم يخرج فلاناً؟ الذي يصير بقدرة قادر أسوأ لاعب في المباراة، ولماذا لم يشرك علاناً؟ الذي يصير عندهم أفضل لاعب في الفريق.. وبرضو يحدث ذلك بقدرة قادر.
هذا هو الفهم الذي نكتب به بعد الهزيمة، وهو كما أشرت سابقاً عند الجمهور والإعلام يعتبر امتحاناً مكشوفاً، عكس المدرب الذي يدخل في كلِّ مباراة امتحاناً مجهولاً، ويُجابَه بأحداث لا تخطر على بال أحدٍ.
نحن نتحدّث عن مباراة انتهت، والمدرب يدخل المباراة وهي في حكم المجهول والغيب.
طبيعيٌّ في كل مباراة أن تكون قرارات المدرب مُوفّقة مرة وغير مُوفّقة مرة أخرى، يحدث ذلك في كبرى الفرق ومن أعظم المدربين، لا يوجد مدربٌ مهما كان اسمه وحجمه وخبراته مُوفّق في كل قراراته.
يُمكن للمدرب أحياناً أن يتّخذ قراراً غريباً، فيُوفّق فيه فيصبح (عبقرياً) بذلك القرار الغريب.. ويُمكن أن يتّخذ قراراً منطقياً فلا يُوفّق فيه، فيصير أسوأ مدرب في العالم بسبب هذا القرار.
لا أريد أن أقدِّم نماذج، لأنّ الأمثلة كثيرةٌ، ولأنّ المساحة لا تسمح بذلك، لا سيما وأنّ ذاكرة القارئ مليئة بمثل هذه النماذج، ويمكن لكل قارئ أن يرجع برهة إلى تلك النماذج.
أنا دائماً أميل للمدرب الذي أتفاجأ بقراراته.. أفضِّل المدرب الذي يفكر خارج الصندوق، أدعم المدرب الجرئ والمغامر.
يُهاجمون فلوران، لأنّ كشفه به (12) مُحترفاً ولا يستفيد منهم كلهم، وكأن في ذلك (جريمة)، علماً بأنّ أيِّ تشكيلة يبدأ بها فلوران يشارك فيها (6) مُحترفين كعناصر أساسية، ثم يخرج بعضهم ويشرك آخرين أثناء مجريات المباراة.. وقد تصل جملة المُحترفين الأجانب الذين شاركوا في المباراة إلى (9) أو (10).
يشارك من العدد الكلي للمُحترفين أكثر من (50%)، ويتواجد في التشكيلة الأساسية منهم كذلك أكثر من (50%) وهي نسبةٌ جيدةٌ، بل ممتازةٌ.
في القوائم المبدئية لكشوفات المنتخبات المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية يوجد (4) مُحترفين من الهلال مع قوائم منتخباتهم، وهو أمرٌ قبل أن نحسبه للمُحترفين ومجلس الهلال، نحسبه لمدرب الهلال فلوران، ونعتقد أنّ هناك أسماءً تستحق التواجد مع منتخبات بلادها مثل الطرف اليمين في الهلال الكونغولي ستيفن إيبويلا والسنغالي بابي عبدو، والفرصة سوف تكون متاحة لكل مُحترفي الهلال للانضمام إلى منتخبات بلادهم في الفترة المُقبلة.
مُشاركة (6) مُحترفين أجانب في التشكيلة الأساسية للهلال من (12) مُحترفاً أمرٌ فيه غلبة لهم، لأنّ إشراك (5) وطنيين من كشف الهلال الذي يوجد فيه (28) لاعباً وطنياً، أمرٌ قد يعتبره البعض ظلماً لهم ولإمكانياتهم الفنية، وإن كنت أرى أنّ النسبة معقولة ومنطقية.
خسر الهلال أمام بترو أتلتيكو بهدف، اتّجهوا نحو المدرب دقوه (دق العيش)، عاد وانتصر الهلال على الترجي بثلاثة أهداف مقابل هدف، كلهم تغزّلوا في الهلال وانقضوا على الانتصار يوزعون فضله لمن يشاءون دون أن يضعوا من ذلك شيئاً للمدرب!!
تمريرة جون مانو وتألق فوفانا وجملة هدف بابي عبدو، ولا أحدٌ يذكر في ذلك المدرب، رغم أنّ كل هذه الأمور (فنية) وهي نتاج مدرب مُقتدر.
في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد ويمر بها الهلال، ليس أمامك خيارٌ غير أن تدعم الإدارة، وتدعم الجهاز الفني واللاعبين.
أدعموهم بغض النظر عن النتائج، وأنا كلي ثقة إن وجدوا الدعم سوف يُحقِّقون المُنتظر.
سوف يذهب الهلال بعيداً إن شاء الله، وسوف نُحقِّق كل أحلامنا وطموحاتنا، شريطة أن يجد الهلال الدعم والسند من الإعلام والجمهور.
لا تنتظروا بطولة بدون دعم، ولا تحلموا بشئٍ وأنتم تبخلون بأقل حقوق الهلال عليكم، وهو الدعم.
الدعم الذي لا يغيب بسبب نتيجة ولا يرفع بسبب مباراة.
أدعم هلالك وانتظر منه الكثير.

متاريس
لا أعرف لماذا ينسى الناس أنّ منافسي الهلال الرئيسيين بترو أتلتيكو والترجي فَقدَ كل منهما في الجولتين السابقتين أربع نقاط.
الهلال فَقدَ خمس نقاط وهو يلعب في دار السلام.
ما في فرق.
انتقدوا أطهر حتى قضوا عليه.
وانتقدوا السمؤال ولم يرحموه.
فعلوا نفس الشئ مع الصيني في فترته الأولى مع الهلال، حتى غادر وبكوا عليه حتى عاد.
قطعوا فارس.
الطيب عبد الرازق.
بوغبا.
حتى أبو عشرين، لم يسلم منهم.
المشكلة فينا وليس في اللاعبين.. أطهر غادر.. السمؤال غادر.. فارس لا يشارك.. أبو عشرين لا يشارك هل اتحلت المشكلة؟!
إذا لم تتغيّر النظرة المبنية على انتقاد لاعب أو انتقاد المدرب فلن ينصلح الهلال.
….
ترس أخير: نرفع القبعات للهلال مع أيِّ نتيجة يُحقِّقها.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد