صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ابو حمد.. الهلال.. والرحلة (2)

850

*أفياء*

*أيمن كبوش*

*ابو حمد.. الهلال.. والرحلة (2)*

# “متوقع في واحد من اعمدتك تذكر عزومة السمك وكيف اتلومت فيني بعدم حضورك وذهابك مع البعثة الى مقرات”.. قبل أن اتطرق إلى دفء هذه الرسالة وكرم صاحبها، لابد لي أن أقف عند الصبحية الأولى لعريس الأمة في مدينة أبو حمد، جاء الصباح بكل ما فيه من نشاط وحيوية وحميمية، وأصبحت المدينة على واقع جديد، واقع يحتشد بالسكان الجدد الذين ضربوا لهم في كل ناصية خيمة، وفي كل ساحة اوقدوا لهم نارا، ثم جاءوا إلى “فندق المسدار” مبكرين، وكأنهم “يرفعون التمام” ثم ينصرفون إلى التوزيعات، ولكن توزيعاتهم هذه المرة لم تكن إلى طواحين التعدين ولا إلى مشاريع أسامة داوود ولا مزارع الشيخ بابكر عباس، ولا ترحيبا بأن المنطقة محمد البرجوب، بل جلسوا حول مواقد الجمر في الميناء البري.. وفي السوق القديم والسوق الجديد.. واحتضنوا “القيفة” و”المُشرع” عندما علموا بأن الهلال سيمر من هنا في رحلة نيلية يمسي فيها على 99 جزيرة صغيرة، أكبرها جزيرة مقرات التي احتضنت تلك العصرية وجمّلها غناءً فنان المنطقة “خرساني” فلم ينس أن يتغزل في الهلال.. وايقونة الجلسة الكابتن الكبير “مصطفى النقر” يقرأ طالع “هلال كجي” ويقول لهم “نحن معاكم حتى الدوري الممتاز…”
# في المساء كان النادي الأهلي حاضرا، وهو الاهلي الوحيد في الدنيا، الذي اختار أن يرتدي اللونين الاروعين، الأزرق والأبيض، محبة في الهلال وفي الراحل، الهلالي المعتق “عبد الله عثمان”، والد الأخ “الاستاذ تاج السر عبد الله” الذي طفرت منه أكثر من دمعة وهو في مقره بالعاصمة القطرية الدوحة ويقول لي مهاتفا: “اخيرا اتحقق حلم ابوي.. كان نفسو يشوف الهلال في ابو حمد.. اريتو كان عايش وحضر اليوم ده” ثم ينخرط في البكاء، ولكن للتاريخ ان النادي الاهلي قدم في حضرة الهلال، اكثر من عبد الله عثمان متمثلا في ابنه صلاح عبد الله وابن عمه صلاح عبد الجليل عثمان رئيس النادي الأهلي الحالي.. والحفيد ناجي صلاح ومحمود الحلفاوي وشقيقه حسن.. في تلك الليلة التي حملت عنوان الترحيب ببعثة الهلال، سرد العم الأستاذ “هاشم المنصوري” تاريخ المنطقة وقدم لنا كتابا انيقا، بأهداء رفيع، جسد فيه لهذه العظمة، كما تطرق للشخصيات التي قدمتها ابو حمد للهلال وللكرة السودانية، فكان هناك أشرف الكاردينال والفريق صلاح الشيخ وأبناء النقر الفاتح ومصطفى وخالد… ومصطفى فريني الذي جاء من عطبرة ليشهد لحظات تكريمه.. كرم النادي الأهلي بعثة الهلال في داره وسلم الأخ رامي كمال درعا ووشاحا، ثم تحدث مأمون بشارة، ممثل الاتحاد العام ولجنة المسابقات بفصاحة زرقاء لا تخطئها اذنا فاجاد وأبان.
# في اليوم الثالث، وهو موعد المباراة الذي صادف السبت، كانت المدينة قد سلمت نفسها تماما لكل ما هو هلالي، الإعلام الزرقاء في كل المركبات التي تجوب الشوارع، وفي تلك المنازل الطينية التي تتحدث عن حنين أهالي ابو حمد للماضي، رغم الثورة الاقتصادية واحتضان باطن أرضها لستين بالمائة من الناتج القومي من الذهب، الا ان تريليونات الجنيهات السودانية لم تمحُ البساطة التي تسكن انسان ابو حمد الذي لا يتحدث مطلقا في السياسة.. ولا في ضنك العيش وموجة الغلاء.. لأن الكهرباء هناك لا تعرف الانقطاع وكذلك المياه..
# ثلاث ايام بلياليها في ابو حمد، استعدنا فيها حيويتنا ونشاطنا.. وكأننا قد قمنا بعملية “ضبط مصنع” لمزاجنا العليل وخلقنا الضيق بعيدا عن زحام الخرطوم.
# أعود واقول، أنني اعتذر بشدة للاخ شهاب المنصوري، صاحب الرسالة التي تطوقتني اليوم بالحزن والشجن.. وليته يقبل ويغني معي: “يا المسير وماك مخير.. انت يا الصابر وعند الله جزاك”… وعلى ذكر “صابر” لنا مع صابر المرعب أو صابر البعاتي، مشجع الهلال المعروف أكثر من موقف وقصة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد